موضوع فيروسات النباتات في الحقيقة شديد الخطورة. في السابق، قبل أن أشتري نبتة إبرة الراعي المصابة، لم أفكر يومًا أن الفيروسات تعيش في كل مكان، حتى في حدائقنا المنزلية على حافة النافذة. ومع ذلك، فإن مآسينا الصغيرة المتعلقة بفقدان نبات أو اثنين من مجموعتنا لا تقارن بآلاف الهكتارات من المحاصيل التي كان يمكن أن تطعم ملايين الناس في الدول الأكثر تضررًا.
إبرة الراعي المريضة الخاصة بي
عند معرفة طبيعة فيروسات النباتات وخطوات منع انتشارها، يمكننا ليس فقط الحفاظ على النباتات بصحة جيدة، بل وربما أيضًا تقليل هذا الخطر حتى في نطاق محلات الزهور القريبة، وهو تقدم كبير بالفعل!
أخطر فيروسات النباتات
عثرت على أرشيف علم الفيروسات DOI:10.1007 / s00705-014-2295-9 (2012)، والذي يحتوي على قائمة بأخطر عشرة فيروسات نباتية ذات تأثير اقتصادي، تصيب ليس فقط النباتات “المسماة”:
- فيروس فسيفساء التبغ (TMV)
- فيروس دمار الفاكهة المنقط البنية للطماطم (TSWV)
- فيروس اصفرار أوراق الطماطم (TYLCV)
- فيروس فسيفساء الخيار (فقط الخيار) (CMV)
- فيروس البقع النخرية (INS)
- فيروس فسيفساء القرنبيط (CaMV)
- فيروس فسيفساء الكسافا الأفريقية (ACMV)
- فيروس جدري البرقوق (PPV)
- فيروس فسيفساء الحمص (BMV)
- فيروس البطاطا X (PVX)
لم تدخل القائمة فيروسات أخرى مثل فيروس الحمضيات، فيروس التقزم الأصفر للشعير، وفيروس لف الأوراق.
كيف يبدو النبات المصاب بفيروس؟
يمكن التعرف على الإصابة الفيروسية من خلال البقع والخطوط غير الطبيعية على الأوراق والزهور. قد تكون هذه البقع دوائر متحدة المركز، عروق، تباين في درجات الألوان (أفتح أو أغمق من لون النبات الطبيعي)، اصفرار أو ابيضاض كامل للأوراق، أو تشوه في الأزهار والأوراق. هناك تقسيم عام للفيروسات النباتية إلى ثلاثة أنواع: فيروسات الفسيفساء، الفيروسات الصفراء، وفيروسات البقع النخرية.
فيروسات الفسيفساء تتسبب في تلوين غير منتظم للأوراق والزهور على شكل خطوط وبقع وحلقات. كما تسبب الالتواء والتجعد للأوراق. النبات ينمو ببطء ويزهر بشكل ضعيف، مع ظهور علامات الكلوروز على الأوراق.
الفيروسات الصفراء تمنع عملية التمثيل الضوئي في النباتات، مما يؤدي إلى نقص الكلوروفيل، انفصال الألياف، اصفرار أو شحوب الأوراق. الفيروس يؤثر على أنظمة النقل داخل النباتات مثل الزيلم والفلغم. الفيروس يمكن أن يؤدي إلى نمو عدد كبير من البراعم التي غالبًا ما تتطور إلى زهور معقمة ومشوهة.
الأعراض الأساسية لـ فيروس البقع النخرية تشمل: “جدري” على الأوراق والزهور، ذبول، تأخر في النمو، بقع رخوة متساقطة على الأوراق، تباين في لون الأوراق، حلقات متحدة المركز على الأوراق والعديد من الأعراض الأخرى التي تشير إلى أن هناك خطبًا ما في النبات. هذه الأعراض قد تكون دليلًا على فيروس أو من المحتمل أن تكون ناجمة عن مئات الأسباب الأخرى. تعتمد الأعراض على وقت الإصابة، عمر النبات، حالته الفيزيولوجية، ظروف النمو وعوامل أخرى كثيرة.
فيروس البقع النخرية يصيب بشكل متزايد النباتات الزينة مثل: البنفسج الأفريقي، السيكلامين، الداليا، الفاونيا، البتونيا، الدراسينا، الأمارلس، الفلوكس، الأستر، الفلوكس، الخشخاش، الأزالية، البغونيا، البريميولا، الفوشيا، السالفيا، الجربيرا، الكوبية، البلسامين، الزنبق، الكبوسين والعديد من الأنواع الأخرى.
كيف تصاب النباتات؟
على موقع جمعية الأوركيد الأمريكيّة، هناك مقال غنيّ بالمعلومات حول فيروسات الأوركيد. ما قرأته هناك كان محبطًا للغاية، خاصة العبارة التي تقول: “الأصناف القديمة من الأوركيد غالبًا تكون مصابة بفيروسات، وبعض الأصناف لا توجد إلا كنماذج مُصابة فقط.”
76% من الفيروسات النباتية المعروفة تُنقل عن طريق الحشرات، وهي آفات البيوت الزجاجية، مثل الذبابة البيضاء، والمنّ، وثريبس، والبق الدقيقي، والعث. تقوم الحشرات بنقل الفيروس من نبات إلى آخر، وتحمله في حمضها النووي وتورثه ليرقاتها مع المادة الجينية.
يمكن التخلص من الثريبس بسهولة باستخدام المبيدات مثل “أكتليك” أو “أكتارا”، ولكن لا يمكن التخلص من الفيروس الذي يتركه وراءه على النبات. حتى الأنواع المعدّلة جينيًا التي تتمتع بمقاومة عالية تستسلم في النهاية، لأن الفيروس يتحوّر بكفاءة لا تقل عن كفاءة عمل علماء الأحياء الدقيقة. ينتشر الفيروس أيضًا عبر البذور، أو عن طريق قص النبات، وعصير النبات، والأدوات الزراعية.
فيروس الموزاييك نادرًا ما ينتقل في الشقق عبر البذور أو الحشرات، وغالبًا ما يكون السبب هو الأدوات الزراعية المصابة أو الأيدي غير النظيفة (لمس الأوراق المصابة ثم نقل الألياف المجهرية إلى نبات آخر)، أو أي أدوات أخرى تتلامس مع النباتات. على موقع جامعة ميتشيغان، في مقال عن فيروس موزاييك التبغ، تم تقديم تحذير حتى للمُدخنين: الاتصال مع منتجات التبغ يمكن أن يؤدي إلى العدوى. كما وجدت هناك أن فيروس موزاييك التبغ (الذي لا يصيب التبغ فقط) يستطيع البقاء في الأنسجة الميتة لغاية 50 عامًا ويتحمّل فصل الشتاء بكفاءة.
كيف يتم تشخيص النبات المصاب بدقة؟
تشخيص الفيروس في النباتات ليس سهلًا؛ فالأعراض تُشبه في كثير من الأحيان عدوى الفطريات أو البكتيريا، والعكس صحيح. كما أن الفيروس قد لا يظهر أعراضًا لفترة طويلة، لكنه يتحوّل فور تعرّض النبات لضغط معين من حالة “حامل” إلى حالة “مُصاب”. يعمل علماء الأحياء الدقيقة في الدول المتقدمة على تطوير اختبارات سريعة وشاملة لتحديد أنواع الفيروسات، لكن تكلفة هذه الأبحاث تجعلها غير متاحة للهواة من مربي النباتات. وبالنظر إلى حقيقة أنه لا يوجد علاج فعال، فإن معرفة التشخيص الدقيق ليس بالأهمية الكبيرة.
هناك شرائط اختبار أمريكية تم تطويرها بواسطة جامعة ميتشيغان لأربعة فيروسات رئيسية: أربعة أنواع من فيروس موزاييك التبغ، وفيروس الذبول البقعي للطماطم، وفيروس البقع النخرية. تُباع هذه الشرائط بأربعة عشر دولارًا لأربعة شرائط. عادةً ما تُنتج هذه الوسائل للاستخدام الاحترافي في الأعمال الزراعية وليست شاملة: هناك شرائط اختبار لمنصات أخرى مثل الكرز والبطاطس والطماطم.
في محاولة لإيجاد أي معلومات حول علاج فيروسات النباتات، بحثت في جميع الأماكن الممكنة على الإنترنت، لكنني لم أجد ما كنت أبحث عنه. حاليًا، يتم بذل كل الجهود في تطوير نباتات ذات مقاومة جينية ضد الفيروسات.
كيف نتجنب إصابة باقي النباتات في المجموعة؟
على الأرجح، ستبدو لكم النصائح الوقائية التالية مبالغ فيها، لكنها ضرورية إذا كانت النباتات تمثّل دخلكم أو تجارتكم. المصدر: جمعية الأوركيد الأمريكية والصفحة الرسمية لجامعة ميتشيغان.
- النباتات الناضجة (بعمر يتراوح بين سنتين إلى أربع سنوات) تصاب بنسبة أعلى بـ 61% مقارنة بالنباتات الصغيرة. قد يكون سبب ذلك التكرار الكبير للإجراءات المختلفة (كالتكاثر، والتقليم، والتطعيم، وغيرها).
- أثناء عمليات التربة الربيعية أو التجديد والتقليم، يُفضل البدء من النباتات الصغيرة ثم الانتقال إلى الكبيرة.
- بعد التعامل مع كل نبات، يجب غسل اليدين بالصابون أو تطهير القفازات العاملة باستخدام مادة التبييض. يُفضل أيضًا استخدام القفازات ذات الاستخدام الواحد.
- يجب تطهير الأواني المُستخدمة في إعادة الزراعة بالمبيض مرتين. الفيروسات مقاومة لأي تعقيم عادي غير التعقيم الفعلي.
- لا يُعاد استخدام التربة تحت أي ظرف (ربما يمكن التغاضي عن ذلك بالنسبة للنباتات الحولية، مثل الريحان…).
- الأدوات المُستخدمة يجب تعقيمها بعد التعامل مع كل نبات. بالنسبة للتقليم، تُعتبر الشفرات ذات الاستخدام الواحد خيارًا مثاليًا.
- يجب الاهتمام بمعالجة النباتات بالمبيدات الفطرية والحشرية بشكل منتظم. مع وجود مجموعة كبيرة من النباتات، قد يكون من الصعب الكشف عن الآفات في الوقت المناسب. يُمكن استخدام أوراق لاصقة صغيرة توضع على الأواني لالتقاط الآفات مثل الذبابة البيضاء، والثريبس، والعث الأحمر. يكفي قطعة واحدة من الشريط اللاصق لكل نافذة. (في التقرير الأصلي تم ذكر بطاقات لاصقة خاصة).
- أي نبتة جديدة تُضاف إلى المجموعة يجب أن تكون في فترة عزل لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع. خلال هذه الفترة قد تظهر أعراض العدوى أو الآفات، مما يعطي فرصة لعلاج النبات دون تعريض باقي المجموعة للخطر.
- لا يوجد أي ضمان في أخذ قطع من نبات مصاب. حتى إذا لم تظهر أي علامات واضحة على الأغصان الصغيرة، فإن الفيروس قد يكون مستترًا داخلها.
- عند شراء نبتة، تأكد من ملاحظة حالة النباتات الأخرى في المحل. إذا كانت هناك نباتات مريضة، من الأفضل تجنّب الشراء.
- إذا كنت تشك في إصابة أحد نباتاتك، فمن المستحسن التخلص منه فورًا. ومع ذلك، يُفضل أولاً استبعاد العدوى الفطرية أو البكتيرية أو الحشرية عبر معالجته بمبيد فطري وحشري ووضعه في العزل.
- هناك مبيدات فطرية ذات تأثير وقائي ضد الفيروسات (على الأقل هذا ما يُدَّعى في الإعلانات). غالبية هذه المنتجات مصنوعة من مواد عضوية (مبيدات فطرية حيوية) وتنتمي إلى الفئة 3 أو 4 من حيث مستوى الخطورة. النباتات التي تُعتنى بها بعناية، ويُجدد تربة زراعتها بانتظام وتُسمّد، يمكنها أن تعيش حياة نباتية “سعيدة” دون أن تعاني من الكثير من المشاكل. يجب بذل أقصى جهد للحفاظ على النباتات بعيدًا عن الضغوط، وتقلبات درجات الحرارة، والتيارات الهوائية، وحروق أشعة الشمس، أو نقص الأشعة فوق البنفسجية. كل هذا قد يكون صعبًا نوعًا ما في الحياة الواقعية، لذا يجب مراعاة “إجراءات السلامة” عند العناية بالنباتات أو شرائها، وذلك لتقليل المخاطر وحماية نفسك ومجموعة نباتاتك من الفيروسات النباتية.